الأحد، 18 مارس 2012

بسم الله الرحمن الرحيم
دار الخلاف على نظرية آذان الآنعام اذا ما كانت فكر او كفر— وهذا شئ طبيعى لان الافكار التى تتجرأ على هز ما يظن الناس انه من المسلمات التى لا تخضع للبحث والتدبر عادة ما تسمى كفراً—- التاريخ يحدثنا ان كل الافكار التى شكلت التوجه العلمى فى العالم تم تكفير اصحابها فى اى دين من الديانات ثم جاءت اجيال نظرت لنفس الموضوع بصورة اكثر واقعية وقبلت بعض مكوناتها وعدلت بعضها وما زالت تبحث فى البعض— مات اصحابها ولكن ظلت الفكرة من بعدهم.
بعد اطلاعى على كتاب آذان الانعام الذى ما زلت اراجعه, فضلت ان الخص الافكار التى زعم صاحبها انها مقومات النظرية _ واسال الله ان يشارك اهل العلم خصوصا من الحقل البيطرى او علوم الاحياء والفكر عموما برأيهم لان الموضوع يحتاج لمن يضيف عليه الكثير ولكنه مجال بحث علمى كبير…قد يختلف الناس فى التفاصيل وخصوصا فى تأويل الآيات القرآنية ولكن الفكرة تظل موقع نقاش…ارجو ان يكون مفيداً— قامت النظرية على اربعة افكار اساسية :
الاولى: ان الله سبحانه وتعالى قد حسم هوية الخالق, ولكنه ترك كيفية الخلق مجالا للبحث كوسيلة عملية وعلمية لاقامة الحجة على الناس. فالخالق هو الله الذى لا اله الا هو— لكن كيف بدأ الخلق وكيف يستمر, هذا المجال تركه لبحث الانسان كشكل من اشكال التدبر فى آيات الله الكونية. التدبر فى الكون عبادة ترسخ الايمان بالخالق مستهديا بآيات متفرقة هنا وهناك تدلل على علم الخالق بما خلق:
{قُلْ سِيرُوا فى الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} 20 العنكبوت
الثانية: ان كل الخلق, احياء وجمادات — اى كل مكونات الكون خلقت من ماء.
الثالثة: ان كل الاحياء المعروفة وغير المعروفة فى الارض لها اصل واحد فى الخلق من طين— ما عدا ازواج الانعام اذ انها خلقت خارج الارض وانزلها الله للانسان فى زمن ما:
{خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فى بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فى ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} 6 الزمر.
الانعام تشمل الثمانية ازواج المعروفة فى القرآن: من الابل اثنين ومن البقر اثنين ومن الضأن اثنين ومن المعز اثنين.
الرابعة: ان ركن الحج الاسلامى وما فيه من شعائر , سنن واركان وواجبات يمثل تمثيلا عملياً لاحداث متداخلة وقعت فى بداية حياة خليفة الله فى الارض. هذه الاحداث معا تشكل تحديا للعقل والعلم البشرى فى اثبات وجود الخالق وشرح تفاصيل اساسية فى كيفية الخلق وتطور عقائد الانسان وانحرافاتها بفعل الشيطان!
يقوم مفهوم اسم: (نظرية آذان الانعام) على فكرة جديدة جديرة بالاهتمام خصوصا المهتمين بالاعجاز العلمى فى القرآن والمهتمين بقضية الخلق والتطور وحوار الحضارات— هذه الفكرة هى ان الله خلق كل الاحياء من اصل واحد يمكن للانسان ببحوثه العلمية ان يصل اليه, ولكن كانت الانعام هى المفتاح الذى يقود الانسان الى ان الاحياء لها خالق ولم توجد صدفة. و ما ذلك الا لان الانعام لا تشترك مع بقية الاحياء فى مكونات واصول خلقها وان كانت قد اختلطت بها بصورة تكاملية—من هنا فان خلق الانعام يمثل حقيقة علمية هامة جدا اذا استطاع الانسان اثبات انها تختلف فى خلقها عن بقية الاحياء—ومن هنا اجتهد صاحب النظرية فى تأويل الآيات التى تدعو للنظر فى خلق الابل ولبن الانعام ووصفها دائما ان ازواجها موازية لازواج بقية الاحياء اذ ان فى هذا اشارة ودعوة للانسان ليتدبر فى هذه الحقيقة العلمية التى اذا ثبت صحتها فستكون حجة كبيرة جدا على غير المسلمين فى ان هذا القرآن ما كان ان يفترى من دون الله ___ ومن هنا فكر الكاتب فى ان الانعام كانت فى بداية عهد الانسان فى الارض كالآذان يذكره بوجود الله خالق الازواج كلها —- فالانسان حينها كان يعرف الاحياء التى تحيط به وانها موجودة فى الارض معه لكن الانعام كانت قد نزلت فى مجموعة ثمانية ازواج امامه لتكون آية مرئية تناسب مستوى فهمه للامور وآذانا يذكره بوجود الخالق___ و يرى الكاتب ايضا ان وعيد ابليس ليضل الناس فى امر الانعام كان مرتبطا بهذه الحقيقة و انها مخلوقات غامضة تم اقحامها مع بقية مخلوقات الارض بصورة تكاملية , فجعل الشيطان منها وسيلة اضلال بدلا من وسيلة هداية او آذان ينادى بوجود الله __ ومن هنا يرى الكاتب ان بهيمة الانعام ( وكلمة بهيمة بهذه المناسبة تعنى غامض وليس غبى لان اصلها من بهم ومبهم ) كانت وسيلة لهداية الانسان البدائى الى وجود الله لذلك يسميها الله بالهدى فى مناسك الحج لان الحج كما ذكرت رواية عن الكاتب يمثل مجموعة من احداث حياة الانسان العاقل فى بداية وجوده فى الارض. لذلك حينما يرد ذكر الانعام مرتبطة بالحج يشير الله اليها بلفظ الهدى لانها هنا كانت هديا يذكر ذلك الانسان بوجود الله. هذا الهدى هو الآذان الذى كان يذكر الانسان بوجود الله قبل ان يتسع فهمه للكون وتاتيه تشريعات اكثر تفصيلا— وهذا الآذان هو الذى الذى كان هدفا للشيطان لينزعه من عقول الناس ( وليس ينزع اذنى البهائم) — من هنا تتبع الكاتب كيف ضل الانسان فى مراحل كثيرة من تاريخه بالانعام __ مثلا بنى اسرائيل وقصة العجل ثم البقرة الصفراء الى عقيدة الهندوز الذين عبدوا البقرة بدلا من اتخاذها آية تدل على وجود الله خالقها وخالق الازواج كلها وآذانا ينادى بوجود الله.
ويرى الكاتب ان الانعام بحكم غرابة خلقها ما زالت آذانا ينادى بوجود الله فى المحافل العلمية ويتحدى عقل الانسان كلما تطور علمه وازدادت كشوفاته لانها تقع خارج نظام خلق بقية الاحياء فى الارض— لذلك ابتكر الكاتب اسم نظرية آذان الانعام ليدعو المسلمين للتدبر فى حقيقة خلق هذه المخلوقات التى لو ثبت صحة اختلافها فى الخلق عن كل الاحياء فسيكون هذا الكشف آذانا داويا ليدعو لوجود الله-
لم اجد فى الكتاب ما يثير غضبا او يعارض معلوما من الدين بالضرورة – ولم اجد بعلمى البسيط ما يبرر ان الكاتب اراد بالاسلام سوءً وما وجدت كل النظرية الا فكرة كبيرة تجمع بين علوم الاحياء والفلك وعلوم التفسير والتأويل وبين علوم التاريخ البشرى, و ربما تفتح أفاقاً اوسع للتدبر فى حكمة الحج واحكامه وربما تكون مدخلاً لعقول وقلوب غير المسلمين للتدبر فى هذا القرآن الذى لا تنتهى عجائبه.
( هذا ما كتبه أحد الأخوة القراء حول كتاب آذان الأنعام، والذي أزعم أن هذا الكتاب يحمل علماً كثيراً وبداية لنظرية لم تكتمل بعد)

بواسطة دكتور ياسر بطيخ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق